شام تايمز – متابعة
رفعت فرنسا أمس الأربعاء كثيراً من القيود الرامية لمكافحة فيروس كورونا، مثل التخلي عن الكمامة في الأماكن المفتوحة.
وفي تقرير نشره موقع “الجزيرة. نت” جاء هذا القرار -الذي أعلنه في وقت سابق هذا الشهر رئيس الوزراء الفرنسي “جان كاستيكس” – بعد 9 أيام من المصادقة النهائية من قبل البرلمان الفرنسي بغرفتيه على اعتماد شهادة التلقيح بدل الشهادة الصحية، التي تُتيح لحاملها إمكانية دخول المطاعم والمقاهي ووسائل النقل العام وأماكن الترفيه.
و فضلاً عن التخلي عن الكمامة، سيتيح قرار رفع القيود الصحية عدة أمور؛ مثل استئناف الحفلات الموسيقية التي يستطيع الحضور فيها الوقوف، وأما العمل عن بعد فسيصبح منصوحا به، وليس إلزاميا بالنسبة للمؤسسات والإدارات.
الأرقام في انخفاض
واتخذت السلطات الفرنسية إجراءات التخفيف هذه نتيجة تحسن المعطيات وانخفاض الأرقام مقارنة بالفترة السابقة التي شهدت أرقاما قياسية، وهو ما نلاحظه في عدد الإصابات التي صرحت بها وزارة الصحة الفرنسية خلال 24 ساعة الماضية، إذ تم تسجيل الثلاثاء الماضي 461 ألفا و896 حالة جديدة، بانخفاض طفيف عن الأسبوع الماضي، الذي سُجلت فيه 501 ألف و635 حالة في 24 يناير/كانون الثاني الماضي.
وأبرزت المؤشرات المقدمة من الوزارة أيضاً هذا الاتجاه التنازلي، وبلغ متوسط عدد الحالات المتداول على مدار 7 أيام 322 ألفا و154 حالة يوميًا، بانخفاض 11% خلال أسبوع واحد.
وبلغ عدد الوفيات جراء فيروس كورونا في فرنسا منذ بداية الوباء وحتى أمس الأربعاء 103 آلاف و909 حالات.
التعايش مع الفيروس
وعن آخر التطورات الميدانية في المستشفيات وعلاقتها بانخفاض المؤشرات والأرقام؛ أشار رئيس قسم الأمراض الباطنية في مستشفى “بيشات كلود برنارد” بباريس البروفيسور “جون جاك زامبروسكي” إلى أن فرنسا تجاوزت مرحلة المتحور “دلتا” إلى مرحلة المتحور الجديد “أوميكرون” الذي يعد الآن الأكثر حضورا بين المرضى في المستشفيات الفرنسية، والذي يؤكد أنه رغم سرعة انتشاره بين المواطنين فإنه لا يؤدي إلى أعراض أكثر خطورة من بقية المتحورات، مثل دلتا.
وأضاف “أعتقد أنه لو تواصلت معدلات الإصابات والعدوى في الانخفاض على هذا النحو في الأسابيع والأشهر القادمة، وعدم ظوهر متحور جديد بعد أوميكرون، أستطيع التأكيد أننا يمكن أن نتخلص شيئا فشيئا من هذا الفيروس، وربما نتعايش معه بالشكل الذي لا يعرقل ويشل حياتنا الاجتماعية والاقتصادية في أوروبا وفي العالم”.
تعمد التقاط العدوى
وبعد دخول شهادة التلقيح بدل الشهادة الصحية حيز التطبيق، وتضييق الحكومة الفرنسية الخناق على رافضي التطعيم، وبعد بروز ظاهرة تزوير الشهادات الصحية، وكشف السلطات عن أكثر من 200 ألف شهادة مزورة في وقت سابق؛ برزت ظاهرة جديدة “محيرة ومقلقة” في فرنسا حسب السلطات؛ وتتمثل في تعمد فئة من المواطنين رافضي التلقيح، أو الذين تلقوا جرعتين ويرفضون تلقي الجرعة الثالثة المعززة، التقاط فيروس كورونا من أجل الحصول على الشهادة الصحية والتملص من تلقي اللقاح.
يشار إلى أنه في فرنسا تكفي شهادة التعافي من فيروس كورونا للحصول على شهادة التطعيم الصالحة لمدة 6 أشهر.
وبعد تنامي هذه “الظاهرة الخطيرة”، وظهور هذه الشريحة من المواطنين الساعين عمداً إلى التقاط العدوى أملاً في الحصول على “مناعة طبيعية” على حد قول البعض، ومن جهة أخرى الحصول على “شهادة التطعيم” بالنسبة لغيرهم؛ حذر وزير الصحة “أوليفييه فيران” من مغبتها واستنكرها، وناشد هذه الفئة من المواطنين الابتعاد عن الإصابة المتعمدة بالفيروس، واتخاذ الاحتياطات الكفيلة بمنع إصابتهم بمحتور أوميكرون وغيره من سلالات فيروس كورونا.
وقالت “مارينا كاريار دانكوس” المذيعة والطبيبة الفرنسية لوسائل إعلام محلية إن “المناعة التي يمنحنا إياها اللقاح تنخفض مع مرور الوقت، ولهذا السبب تم وضع جرعات معززة، لكننا -في المقابل- لا نعلم كثيرا عن المناعة الطبيعية التي يكتسبها الجسم بعد الإصابة بالفيروس”.
وشدد” ساكلاي زامبروسكي” مدير التدريس في جامعة باريس على أنها ظاهرة “غبية” وخطيرة، ولها انعكاسات سلبية جداً ، لأن الذي يتعمد التقاط العدوى يظن أنه سيتجاوز المرض والأعراض بعد أسبوع من إصابته بالفيروس لأن المتحور أوميكرون -حسب رأيه- ليس خطيرا، ولكن طريقة التفكير هذه خاطئة وخطيرة، لأن المصاب بالعدوى يمكن أن يسقط في فخ الفيروس وتسوء حالته وتصل إلى حد الموت.
وأضاف “من المؤكد أن هذا السلوك خطير جداً وغير مسؤول ويعرض حياة المصاب ومحيطه إلى العدوى والخطر. ومن يعتقد أنه سيتجاوز بسرعة آثار وأعراض الإصابة يمكن أن تتعقد حالته ويدخل المستشفى ويصبح في وضعية حرجة وكذلك حياة عائلته وأقربائه والمحيطين به. إنه سلوك غبي وغير مسؤول”.
وتابع “إذا كانت هذه الطريقة نافعة وعملية لكان الأطباء والباحثون شجعوا عليها، وكانت الدولة اختصرت المسافة ووفرت مئات الملايين من ثمن اللقاح؛ لذلك كله لا بد من التنبيه وتأكيد أن التلقيح هو الوسيلة الوحيدة الناجعة في مقاومة هذا الفيروس. إن التجول في الطريق العام والتقاط العدوى لا يخلف إلا المرض ولا يكرس إلا قلة الوعي”.
ولفت في نهاية حديثه إلى أنه رغم أن الدولة والمجتمع لا يستطيعان منع تعمد بعض الفئات التقاط عدوى الفيروس، فإنه من واجبهما التنبيه إلى خطورة هذه الظاهرة ومقاومتها قدر الإمكان.
خطورة مضاعفة
وأما” بريجيت نيرومي” مسؤولة صيدلية مختصة في التطعيم في منطقة لاكورناف بضواحي باريس، فقالت “حين يتعلق الأمر بتعمد التقاط فيروس قاتل من قبل فئة من الناس رافضة للتلقيح، فإنني لا أستطيع إلا أن أستغرب هذا السلوك وأستهجنه بشدة وأنبه إلى خطورته، لأن الإنسان الذي يتعرض للعدوى من المرجح جدا أن ينقلها إلى محيطه العائلي وأقربائه، وهنا تكمن الخطورة المضاعفة بالإضافة إلى خطورة تعرض المريض نفسه إلى أعراض قوية قد تودي بحياته، من دون أن ننسى طبعا آثار هذا الفيروس التي تتواصل لفترة طويلة مع الإنسان حتى بعد شفائه وتجاوزه الفيروس”.
وختمت المسؤولة الصيدلانية الأربعينية كلامها بمثال لقريبتها الشابة التي توفيت خلال الموجة الثانية من الفيروس، رغم أنها بصحة جيدة وفي مقتبل العمر وتمارس الرياضة، ولكن هذا الفيروس الخطير لا يؤتمن الجانب مهما كانت أعراضه خفيفة في البداية، والحل الأنجع لمقاومته هو التلقيح.
وتشير آخر الإحصاءات التي نشرتها وزارة الصحة الفرنسية إلى تلقي نحو 80% من السكان اللقاح بشكل كامل، في حين لا يزال 20% من السكان غير ملقحين.