أزمة القطاع الصحي تتفاقم في أفغانستان وحاجة عاجلة لزيادة المساعدات الدولية

شام تايمز – متابعة 

يمر القطاع الصحي في أفغانستان بفترة عصيبة، ولها وقعها على حياة ملايين الأفغان، لا سيما أن الأغلبية تعيش تحت خطر الفقر. ويقول الدكتور “عبد الباري عمر” نائب وزير الصحة إن المراكز الصحية في العاصمة والولايات تواجه نقصاً وتحديات، خاصة مع تجميد أموال أفغانية في الخارج.

وكان وضع القطاع الصحي موضوع لقاء عقد في الثامن من شباط الجاري بين مدير منظمة الصحة العالمية “تيدروس أدهانوم غيبريسوس” ووزير الصحة الأفغاني “قالندر عباد”، الذي زار سويسرا ضمن وفد من الحكومة الأفغانية دعي إلى جنيف، وكان ملف المعونات الإنسانية على رأس مناقشات الوفد مع جهات رسمية ومنظمات إنسانية ودولية، من بينها اللجنة الدولية للصليب الأحمر حسب وسائل إعلام سويسرية، وهي ثاني زيارة لوفد من الحكومة الأفغانية الحالية إلى أوروبا خلال شهر.

 

ووفقاً لموقع “الجزيرة” أكد “تيدروس” -في تغريدة له- أن الوضع الصحي في أفغانستان لا يزال صعباً، وأن الأزمة الإنسانية تعرض المزيد من الأرواح للخطر، مشيراً إلى مناقشته مع الوزير الأفغاني احتياجات النظام الصحي وتعزيزه واستعداداته لحالات الطوارئ وتدريب الفرق الطبية.

 

الاعتماد على العون الأجنبي بنسبة 80%

ويصف نائب وزير الصحة الأفغاني -في تصريحات للجزيرة- ما قُدم من عون أجنبي للنظام الصحي في أفغانستان خلال العقدين الماضيين بأنه لم يحل إشكالاته على نحو جذري، وزاد الأمر سوءا عند توقف بعض برامج العون للمستشفيات مع التحول السياسي، وأضاف أن أفغانستان تشكو من عدم وجود مستشفيات تخصصية تلبي حاجة المواطنين، داعيا المجتمع الدولي إلى عدم تسييس ملف المعونات للقطاع الطبي لارتباطه بحياة الملايين، لا سيما الأطفال والنساء.

وأضاف “عبد الباري عمر” أنه “بعد قدومنا إلى هذه الوزارة، وجدنا أن الأعمال التي تمت خلال 20 سنة لم تكن أساسية، لقد ورثنا نظاما صحيا من الحكومة السابقة عانى منه الشعب سابقا ولا يزال، ولم تتم الاستفادة من الموارد الذاتية بشكل جيد، النظام الصحي كان يعتمد بنسبة 80% على مساعدات الجهات المانحة، فلم يتم إيجاد منظومة صحية يتم على أساسها استغناء الشعب الأفغاني عن الدعم الخارجي”.

وقال نائب وزير الصحة إن المراكز الصحية في العاصمة والولايات تواجه نقصا وتحديات، خاصة مع تجميد أموال أفغانية في الخارج، مما جعل مهمة حل المشاكل في المنظومة الصحية خلال بضعة أشهر أمرا صعبا، مضيفا أن فريق العمل في الوزارة يسعى إلى الالتزام بالشفافية ومكافحة الفساد في الدوائر الصحية، بعد أن ظل مستشريا، على حد قوله.

وحدد “عبد الباري عمر” التحدي الأكبر الذي تواجهه وزارة الصحة بأن الجهات المانحة خلال 20 سنة وعدت الشعب الأفغاني ببعض الوعود في مجال الخدمات الصحية، وقدمت بعض هذه المساعدات، لكن للأسف أوقفت بعضها بعد حدوث التغير السياسي، حسب قوله. مضيفا أن بعض الجهات المانحة لم تلتزم بتعهداتها ووعودها للشعب الأفغاني، و”هذا ظلم بحق الأفغان”، حسب تعبيره. مشيرا إلى أن التحدي المالي يجعل من الصعب حل جميع الإشكالات التي يواجهها القطاع الصحي في جميع أماكن البلاد بإمكانات قليلة.

حدود برامج العون الأجنبي

يشار إلى أن هناك برامج عون أجنبي لبعض الخدمات الصحية، ومنها برنامج الرعاية الصحية، الذي قدمت في إطاره 45 مليون دولار من الأمم المتحدة عبر منظمة الصحة العالمية واليونيسيف خلال الأشهر الثلاثة الماضية لـ2149 مستشفى ومركزا صحيا في 31 ولاية، وفي الأشهر الخمسة القادمة -أي حتى نهاية يونيو/حزيران 2022- هناك تعهد آخر من البنك الدولي عن طريق منظمة الصحة العالمية واليونيسيف بتقديم 100 مليون دولار، في 34 ولاية، وينتظر أن يستفيد من هذا البرنامج 25 ألف طبيب وممرض وعامل في القطاع الصحي.

وحسب “عبد الباري عمر” فإنه “بعد الأشهر الخمسة القادمة ليس هناك تعهد محدد بخصوص هذا المشروع، ونحن لدينا 3800 مستشفى وعيادة في البلاد، لكن مشروع الرعاية الصحية يقتصر على تغطية 2331 نقطة ومركزا صحيا، كما أنه مختص بمستوى الرعاية الصحية الأولية فقط، وقليل من الاهتمام بالرعاية الصحية الثانوية، وليس هناك دعم أو التزام بالرعاية الصحية المتقدمة، رغم أهمية ذلك لمجتمعنا”.

مستشفى لوغر

ومن نموذج معاناة المواطنين الأفغان مع الخدمات الصحية في ولاية لوغر في “بوله علم” عاصمة الولاية (جنوب العاصمة كابل)، حيث مستشفى نائب أمين الله خان الحكومي؛ فتوجد المباني القديمة والتصميم الذي لا يحتمل استقبال أعداد كبيرة من المرضى.

وفيها عدداً من الأطباء، ومنهم مدير المستشفى “محمد صديق” ، الذي قال إنه يعمل في المستشفى منذ 7 سنوات، وأول ملاحظاته أن المبنى ليس مجهزاً ليكون مستشفى، ومع إقراره بتسلمهم مساعدات كثيرة خلال العقدين الماضيين، فإنه مع حدوث التغيير السياسي انقطع الدعم الدولي باستثناء برنامج واحد من البنك الدولي وصفه بأنه يمتد عدة أشهر فقط وغير كافٍ من حيث الطاقة الاستيعابية للمستشفى وعدد سكان الولاية.

فالاكتظاظ واضح في المستشفى، وحسب مديره فإنه “يستقبل بين 1000 و1500 مريض يومياً، والغرف مزدحمة، والمستشفى غير كاف؛ فالحاجة أكبر من إمكاناته. لدينا 100 سرير وكلها مشغولة، ولهذا قد نحيل المرضى إلى كابل، وليس لدينا فريق كاف لتقديم الخدمات للناس على مدار اليوم والليلة”.

وتمتد المعاناة إلى قسم الطوارئ والأروقة الأخرى حيث يتزاحم المرضى، وفي قسم الأطفال حديثي الولادة كثير من الأجهزة معطلة بسبب تأثرها بانفجار سابق أمام المستشفى نفسه، ولا يوجد قسم في المستشفى إلا ويعاني من نقص في الأدوية، وقلة عدد الفرق الطبية مقارنة بعدد المرضى، إضافة إلى انقطاع الرواتب عن العاملين من أطباء وفرق تمريض وغيرهم لفترات تتراوح بين 3 و11 شهرا.

مستشفى جديد بديل

ولا تنتهي قصة إشكالات القطاع الصحي في ولاية لوغر عند ذلك المستشفى، ولمتابعة ذلك تركنا “بوله علم” واتجهنا إلى أطراف الولاية في الطريق إلى كابل، حيث بدأت باكستان عام 2008 إنشاء مستشفى وفي عام 2019 تم افتتاحه، وأعطي نفس اسم المستشفى القديم والمزدحم، أي مستشفى أمين الله لوغري، لكن هذا في منطقة كونجاك، وعند الوصول إلى المستشفى ينتابك إحساس بأنه مستشفى كبير وواسع وفي منطقة بعيدة عن الاكتظاظ السكاني.

لكن عند الدخول يبدأ الزائر سماع قائمة من الإشكاليات التي تحتاج إلى حل ليستطيع هذا المستشفى -الذي يتسع لـ300 سرير- أن يخدم مواطني 4 ولايات في الجنوب الشرقي. فابتداء وفي هذا الجو البارد، لا توجد منظومة تدفئة مركزية تعمل، وهناك إشكالية في التيار الكهربائي، وهو ما يشعر به كل من يدخل المستشفى في يوم يهطل فيه الثلج في مرتفعات لوغر.

وحسب مدير شؤون الصحة في ولاية “لوغر قدرة الله عادل” في حديث للجزيرة، فإن المستشفى ورغم افتتاحه منذ 3 سنوات فإنه غير جاهز للتعامل مع المرضى بكامل احتياجاتهم حتى الآن، فإن 100 سرير فقط جاهزة لاستقبال المرضى، أي ثلث قدرته الاستيعابية التي أنشئ لأجلها، وما بين 20 و30% من التجهيزات غير مكتملة، وهناك مشاكل في منظومة التدفئة وتوصيلات المياه، ومعظم المعدات التي تُبرع بها مخزنة في مختلف الغرف، بل إن 5% من المعدات فقط يمكن استخدامها من قبل الأطباء، ولا يستطيعون تشغيل الباقي.

وأضاف “قدرة الله” أنه تم التواصل مرات عدة مع السفارة الباكستانية، طالبين تفعيل بقية معدات المستشفى، وتدريب الفرق على استخدامها، مشيرا إلى أن الوضع يزداد سوءاً، خلال الأشهر الأخيرة، وقال “كان لدينا 140 عاملا من الفريق الطبي ومساعديهم، نصفهم أطباء وممرضون، الآن تراجع العدد وليس لدينا عدد كاف من الموظفين، بسبب انقطاع الرواتب، فليست لدينا القدرة على دفع رواتبهم، وليس هناك طرف مانح يقدم رواتب الموظفين، وكذلك لدينا أزمة أدوية، نحتاج أن تقدم لنا الدول المانحة الأدوية وحتى طعام الموظفين والمرضى”، وعندما حان وقت الغداء لاحظنا أنه لا طعام يجهز في مطابخ المستشفى للمرضى والفرق الطبية، والكل يبحث عن بعض الوجبات البسيطة من الباعة في الخارج.

ويؤكد هذا الكلام” نعمة الله همكار” الذي عُين مديراً للمستشفى منذ نحو عام، حيث قال إنه ومن بقي من الفريق الطبي والعاملين لم يتسلموا رواتبهم من 5 أشهر، مما دفع كثيرين إلى ترك العمل والانتقال إلى أماكن أخرى، مشيرا إلى حاجة المستشفى إلى توظيف 30 طبيبا متخصصا إضافيا لتغطية الحاجة وتشغيل المستشفى بشكل فعال، وعبر عن أمله أن تقوم الجهات الباكستانية -المسؤولة عن بناء وتجهيز المستشفى بمعداته المخزنة في غرفه- بتشغيل المعدات وتدريب الفريق الطبي عليها لخدمة السكان، أو أن تقوم أي جهة أخرى قادرة على ذلك بالمهمة.

المستشفى في عهدة وزارة الصحة الأفغانية

وفي حديث مع السفارة الباكستانية في أفغانستان بشأن ما تحدث عنه المسؤولون والأطباء في المستشفى الذي شيدته الحكومة الباكستانية في ولاية “لوغر”، ورداً على تلك التصريحات، قال “طاهر نواز” الملحق الصحفي الباكستاني في كابل إن الحكومة الباكستانية أنهت بناء المستشفى وسلمته وكل ما فيه إلى وزارة الصحة الأفغانية، ويفترض أن يقوم المسؤولون الأفغان بالاعتماد على إمكاناتهم لتشغيل الأجهزة المخزنة في المستشفى، وتدريب الفرق على استخدامها وتفعيل الخدمات.

وأضاف أنه إن كان هناك أمر مرتبط بمسؤولياتنا فيفترض أن تخاطب وزارة الصحة الأفغانية السفارة الباكستانية في كابل رسمياً ، وسنتواصل بشأنها مع المسؤولين في إسلام آباد وسننجز ما هو مطلوب في حينه

شاهد أيضاً

هذا أفضل وقت للتخلص من الكرش بالرياضة للنساء والرجال

شام تايمز – متابعة التمرين الصباحي يقلل من الكرش لدى النساء توصلت دراسة أميركية حديثة إلى أن …

اترك تعليقاً