شام تايمز – متابعة
حذرت خبيرة بمنظمة الصحة العالمية من أن المضادات الحيوية من أهم المكتسبات العلمية التي عرفها الإنسان في المجال الطبي والعلاجي، وبفضلها تم إنقاذ مئات الملايين من الأرواح التي كانت تزهق بسبب كافة أشكال العدوى التي لم يكن لها علاج في عصر ما قبل المضادات الحيوية.
وفي حوار مع “العربية.نت”، أشارت الدكتورة “مها طلعت”، المستشارة الإقليمية لمقاومة مضادات الميكروبات والوقاية من العدوى ومكافحتها في مكتب منظمة الصحة العالمية الإقليمي لشرق المتوسط، إلى أن الخطورة تتعلق بسوء استخدام المضادات الحيوية أو الإفراط في استخدامها على نحو غير رشيد، ما أدى إلى التأثير على البكتيريا وجعلها تكتسب مقاومة للمضادات الحيوية ومن ثم إلى فقدانها – أو فقدان معظمها للتأثير العلاجي المنشود وتسبب في ظهور ما نعرفه الآن بمقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية.
وعندما تنتقل هذه البكتيريا من إنسان إلى إنسان، لا يجد الأطباء المضاد الحيوي المناسب لقتل هذه البكتيريا، التي باتت تمثل تهديداً عالمياً للصحة والتنمية، وتستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة هذا التهديد للصحة العالمية.
تهديد للصحة العامة التي تواجه البشرية
وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية أن مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية واحدة من التهديدات العالمية العشرة الرئيسية للصحة العامة التي تواجه البشرية، لأن استمرار وتفاقم هذه المشكلة يعني العودة إلى مرحلة ما قبل اكتشاف وتصنيع المضادات الحيوية.
وتابعت الدكتورة “مها” أنه يترتب على مقاومة الميكروبات للأدوية تكاليف طائلة. فإضافة إلى ما تخلفه الاعتلالات الممتدة لأجل طويل من وفيات وإعاقات، فإنها تسفر عن إطالة أمد مكوث المرضى في المستشفيات وحاجتهم إلى أدوية أغلى ومواجهتهم لتحديات مالية.
وقد أصبح نجاح الطب الحديث في مواجهة حالات العدوى، بوسائل عديدة منها العمليات الجراحية الكبرى والعلاج الكيميائي للسرطان، مهدداً بأن يتعرض لمخاطر متزايدة من دون استعمال مضادات ميكروبات ناجحة بسبب فقدان هذه المضادات لفعاليتها جراء مقاومة الميكروبات لها.
نوع العدوى واستراتيجية العلاج
وأكدت الدكتورة “مها” أن لكل نوع من العدوى استراتيجية للعلاج تتضمن نوع المضاد الحيوي والجرعة المناسبة ومدة العلاج التي يحددها الطبيب المعالج دون غيره لأنه الأعلم بالحالة الصحية للمريض، ويحدد العلاج على أساسها. ولذلك تهيب المنظمة بكل فرد أن يتجنب تماماً الاستخدام الذاتي للعلاج دون وصفة طبية من الطبيب المعالج، وعدم استكمال بواقي المضادات.
وأوضحت المسؤولة بمنظمة الصحة العالمية أن الخطورة تكمن في طريقة التعامل مع المضادات الحيوية، حيث تظهر مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية بصورة طبيعية بمرور الزمن عبر ما يطرأ من تغييرات وراثية عادةً بسبب كثرة الاستخدام.
وتوجد الأحياء المقاومة لمضادات الميكروبات في الإنسان والحيوان والغذاء والنبات والبيئة (في المياه والتربة والهواء)، وبإمكانها أن تنتقل من شخص إلى آخر أو بين صفوف الناس وقطعان الحيوانات، بما في ذلك الأغذية الحيوانية المصدر. وهذا يعني أن يتحول الغذاء والنبات والبيئة إلى عوامل تهديد لصحة الإنسان.
إساءة استعمال مضادات الميكروبات
وتشمل الدوافع الرئيسية لظهور هذه المقاومة إساءة استعمال مضادات الميكروبات والإفراط في استعمالها؛ وعدم إتاحة المياه النظيفة وخدمات النظافة الصحية للإنسان والحيوان؛ وضعف الوقاية من العدوى والأمراض ومكافحتها في مرافق الرعاية الصحية والمزارع؛ وقصور إتاحة الأدوية واللقاحات ووسائل التشخيص الجيدة والمعقولة التكلفة؛ وانعدام الوعي والمعرفة؛ وعدم إنفاذ التشريعات.
وحول المضاعفات التي تتسبب بها المضادات الحيوية حال استخدامها بشكل سيئ، أكدت الدكتورة “مها” أن مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية وفقدانها للتأثير العلاجي والشفائي يعني أن تتحول العدوى التي كان بالمستطاع وقفها والشفاء منها إلى عدوى قد تكون مميتة خاصة في حالة التدخلات الجراحية وأشكال العدوى داخل المستشفيات.
واختتمت بالقول: “علينا أن نتذكر أن المضادات الحيوية تقتل البكتيريا ولكن لا سلطان لها على الفيروسات التي تسبب عدوى الزكام والأنفلونزا مثلاً”، مشيرة إلى أن كثيراً ما توصف هذه المضادات خطأ لمعالجة هذه الأمراض، أو تؤخذ من دون إشراف طبي ملائم مما يعرض المريض لمضاعفات ومخاطر شتى.