مرض جدري القرود؟
قال الدكتور “محمد عطا هندوس” رحال -وهو استشاري أول في طب الأطفال الأكاديمي العام في سدرة للطب في قطر، ورئيس لجنة الصيدلة والعلاجات ونائب رئيس مراجعة المجلس المؤسسي في سدرة للطب- في تصريحات خاصة للجزيرة نت، إن جدري القرود هو مرض فيروسي حيواني المصدر (فيروس ينتقل إلى الإنسان من الحيوانات).
ينتمي فيروس جدري القرود إلى نفس عائلة الجدري مع أعراض متشابهة جدًّا، على الرغم من أنه أقل خطورة من الناحية السريرية. وتم اكتشاف الفيروس لأول مرة في مختبرات بالدانمارك في القرود المستخدمة بالبحث في عام 1958، وتم الإبلاغ عن أول إصابة بشرية في جمهورية الكونغو الديمقراطية في عام 1970.
ينتقل فيروس جدري القرود من شخص إلى آخر عن طريق الاتصال الوثيق مع الآفات (الطفح الجلدي) وسوائل الجسم والمواد الملوثة مثل الفراش. ويعد تناول اللحوم غير المطبوخة بشكل كافٍ والمنتجات الحيوانية الأخرى للحيوانات المصابة أحد عوامل الخطر المحتملة. ويمكن أن تتراوح فترة حضانة جدري القرود من 5 إلى 21 يومًا.
وقال الدكتور “حسام أبو فرسخ” -استشاري تشخيص الأمراض النسيجية والسريرية- في تصريحات خاصة للجزيرة نت، إن جدري القرود موجود منذ عام 1958 في القرود، ولكن أصبحت القوارض (خاصة الفئران والسناجب) أهم مصدر له.
ويتابع الدكتور “أبو فرسخ” أن الانتقال يكون من حيوان مصاب إلى إنسان، وكذلك من إنسان إلى آخر عن طريق التلامس أو الالتصاق واستعمال الأدوات الخاصة به مثل المناشف، وذلك عن طريق التنفس.
ويضيف الدكتور “أبو فرسخ” أن الملقحين ضد الجدري على الأغلب محميون من الإصابة.
ما أعراض مرض جدري القرود؟
قال الدكتور “رحال” إنه يمكن أن تكون الأعراض حمى وآلاما في الظهر وآلاما في العضلات وقشعريرة وإرهاقا وتضخما في الغدد الليمفاوية وطفحا جلديا.
ويمكن أن يظهر الطفح الجلدي من يوم إلى 3 أيام، أو حتى لفترة أطول بعد ظهور الحمى. ويبدأ نمط الطفح الجلدي عادة على الوجه ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم. ويبدأ ببثور أو آفات مسطحة، وتتطور إلى بثور مليئة بسائل مصفر، ثم تجف في النهاية وتكون قشورًا.
كيف يمكن التفريق بين الجدري وجدري القرود؟
يتمثل الاختلاف الرئيسي بين أعراض الجدري وجدري القرود في أن جدري القرود يتسبب في تضخم الغدد الليمفاوية (تضخم العقد اللمفية) بينما لا يحدث ذلك في حالة الإصابة بالجدري، وذلك وفقا للدكتور رحال.
ما الفروق بين كوفيد-19 وجدري القرود؟
قال الدكتور “أبو فرسخ” إن فيروس جدري القرود ينتمي إلى فيروسات “دي إن إيه” (DNA)، بينما فيروس كورونا ينتمي إلى فيروسات “آر إن إيه” (RNA).
وأضاف أن جدري القرود يصبح معديا بعد ظهور الأعراض، بينما يكون كورونا معديا في فترة الحضانة وقبل ظهور الأعراض. وبالنسبة لسرعة الانتشار والعدوى فإنه بالنسبة لجدري القرود أقل بكثير جدا من كورونا.
من جهته، قال الدكتور “رحال” إن فيروس جدري القرود يمكن أن ينتشر أيضا عن طريق السعال، ولكن بشكل عام من خلال قطرات كبيرة تسقط على الأرض على بعد بضع أقدام – وليس جزيئات “الهباء” الأخف التي تظل مرتفعة لدقائق. نتيجة لذلك، ينتشر بين الناس بشكل أقل بكثير من كوفيد-19.
وأضاف الدكتور “رحال” أن كل شخص مصاب بكوفيد-19 ينقله إلى عدة أشخاص، لكن بعض الأشخاص المصابين بجدري القرود لا ينقلونه. علاوة على ذلك، فإن أحد الاختلافات الرئيسية بين المرضين هو الطفح الجلدي النموذجي في جدري القرود. الطفح الجلدي، في حد ذاته، يمكن أن يعطينا فكرة عن فترة الانتقال. وسيكون جدري القرود معديًا حتى تجف جميع الآفات والطفح الجلدي.
هل يوجد لقاح ضد جدري القرود مثل لقاح كوفيد-19؟
قال الدكتور رحال إنه يمكن أن يكون لقاح الجدري مفيدًا في الوقاية من جدري القرود لأن الفيروسين مرتبطان ارتباطًا وثيقًا. وتتمثل إحدى مزايا لقاح الجدري في أنه يمكن أن يكون فعالًا حتى بعد الإصابة بالمرض مقارنة بلقاح كوفيد-19.
هل يوجد علاج لجدري القرود؟
أكد الدكتور رحال أن الغالبية العظمى من حالات جدري القرود ستتعافى تلقائيًا. ويمكن لأدوية الحمى والألم أن تخفف الأعراض. علاوة على ذلك، يوصى بزيادة الترطيب. وفي حالات قليلة، قد تكون هناك حاجة للعلاج الصيدلاني وهناك العديد من الأدوية المعتمدة لهذا الغرض.
هل يتحول جدري القرود إلى جائحة مثل كوفيد-19؟
قال الدكتور “رحال” إن الطريقة التي ينتقل بها جدري القرود تجعله أقل عرضة للتحول إلى جائحة. ومع ذلك، والأهم من ذلك، هو أن المهارات الصحية الاحترازية التي اكتسبها الناس في جميع أنحاء العالم خلال جائحة “كوفيد-19” يمكن أن تساعد بشكل كبير في منع جدري القرود من أن يصبح وباءً.
من جهته، قال الدكتور “أبو فرسخ” إنه بالنسبة لفيروس جدري القرود فلا أعتقد أنه سيصبح وباء عالميا للأسباب التالية:
- قدرته على الانتشار تأتي بعد ظهور الأعراض عليه وليس مثل كورونا الذي كان يتميز أنه في الفترة قبل ظهور الأعراض يكون الأكثر قدرة على الانتشار.
- وجود أدوية تساعد في شفاء المريض.
- سرعة الانتشار ليست بقوة سرعة انتشار كورونا.
بماذا تنصح لوقف انتشار جدري القرود؟
قال الدكتور “رحال” إنه لا يزال وقف الانتشار من المصدر والتحصين أمرًا بالغ الأهمية. ويمكن أن تساعد الاحتياطات المستخدمة بانتظام منذ بداية جائحة كوفيد-19 في وقف انتشار جدري القرود، وتشمل هذه التدابير التباعد الجسدي وتجنب الأماكن المغلقة أو الزحام وارتداء قناع الوجه أو درع الوجه وتنظيف اليدين بشكل متكرر.
وأضاف “إذا كنت تشك في وجود أي حالات إصابة بجدري القرود، فيوصى بشدة بإخطار السلطات الصحية لاحتواء انتشار المرض. ومن خلال تقليل كمية العدوى الفيروسية، تكون احتمالات ظهور جائحة جديدة منخفضة”.
ما الأمر اللافت في حالات جدري القرود الحالية؟
قال الدكتور “أبو فرسخ” إن جدري القرود ظهر أول مرة في القرود عام 1958 في مختبرات بالدانمارك، ثم ظهر بالكونغو في 1970، وأيضا سجل في عدة أماكن خلال السنوات الماضية، مثل نيجيريا عام 2017.
ولكن هناك أسبابا جعلت ظهوره أمرا لافتا هذه المرة، مثل:
- ظهوره وانتشاره في عدة بلدان مرة واحدة خارج المناطق الاستوائية.
- عدم القدرة على تحديد المصدر الذي تسبب في هذا الظهور. فعندما ظهر مثلا في الولايات المتحدة في 2003 تم تحديد المصدر بأنها فئران مستوردة جاءت من غامبيا.
- بعد وباء كورونا أصبح الناس يشكون في أن أي فيروس من الممكن أن يؤدي إلى إغلاقات، وهذا يعطي زخما لكل خبر حول انتشار جديد لفيروس ما.