بعدما خسـر مدرسته وأمله… “بنك الجلد” في دمـشـق يمنح الطفل خـالـد وجهـاً جـديـداً

في اليوم الأول الذي قضاه الطفل خالد، في المكان الذي ما كان عليه أن يوجد فيه، حصل انفجار في ورشة الحدادة التي باشر العمل فيها للتو، وخسر بلحظة واحدة وجهه ومدرسته وأمله بمستقبل جميل.
الانفجار الذي حدث في فرن صهر الحديد خلال يومه الأول بعد ترك مدرسته، ألحق بالطفل ذي الأربعة عشر عاماً، حروقاً بليغة من الدرجة الثانية والثالثة في وجهه واكتسحت صدره وظهره وأطرافه، تاركة تشوهات لم تحتمل عدسة الكاميرا أن ترصد قسوتها.
هرعت أم خالد بابنها الوحيد إلى دمشق، فلا علاج لهذا النوع من الحروق في مشفى الرقة الوطني حيث تقيم، وكان الأطباء في مشفى الرقة قد أكدوا لها أن “بنكا للجلد” في دمشق قد ينقذ حياة ابنها.
أجرى أطباء شعبة الحروق والترميم في مشفى المواساة في دمشق، صباح يوم الأحد الماضي، عملية “تطعيم جلد” للطفل، خالد الحليسات.
الطفل الذي هجّرته قسوة المعيشة والحصار الاقتصادي عن مقاعد الدراسة، ليتحول إلى (رجل) صغير يعمل في ورشة خطرة للمساعدة في إعالة ذويه، يتماثل اليوم للشفاء بعدما حظي بـ (جلد جديد) على شكل ضماد جلدي كان آيلاً للتلف، اصطنعه الأطباء من مخلفات عمليات جراحية سابقة، بعد أن موافقة لكل من المانح والآخذ.
مدير عام مشفى المواساة، الدكتور عصام الأمين، بين في حيث لـ “سبوتنيك” أن المشفى باشر عمله رسمياً بـ “بنك الجلد” ضمن قسم الحروق، ليصبح بذلك البنك الأول من نوعه الذي يستخدم الجلد الآيل للتلف كضماد حيوي في حالات الحروق من الدرجة الثانية والثالثة.
وأشار الأمين إلى أن فكرة إنشاء “بنك الجلد” نبعت من حاجة مرضى الحروق الذين لديهم ضياعات مادية كبيرة لضمادات وطعوم، وكانت هذه الضمادات سابقاً عبارة عن مواد بيولوجية صنعية غالية الثمن، وهي مستوردة وغير متوفرة في السوق المحلية.
وتابع مدير عام المواساة: “في بعض العمليات الجراحية في قسم التجميل والجراحة العامة، هناك جلد زائد يستأصل من المرضى وهو آيل، يتم أخذ الجلد بعد دراسته من الناحية الفيروسية للتأكد من عقامته ويحفظ بأكياس خاصة في درجة حرارة (-30) ضمن سوائل معينة، للحفاظ على قوامه، ويستخدم كضماد لدى مرضى الحروق الشديدة”.
وعن انعكاسات إنشاء بنك الجلد، يبين الأمين أن النقطة الأهم هي توفر المادة ووجود ضمادات وطعوم طبيعية وعدم الحاجة لاستيراد مواد صنعية لا سيما في ظل العقوبات المفروضة على سوريا، والتي لم يسلم منها القطاع الصحي. بالإضافة لتقليل ردة فعل جسم المريض تجاه الضماد لأن المادة طبيعية وليست صنعية، كما أن الاستغناء عن استيراد الطعوم الصنعية يوفر نسبة كبيرة من القطع الأجنبي على الحكومة.
من جانب آخر، أكد الدكتور معن العيسمي، عضو هيئة تدريسية بجامعة دمشق، ورئيس شعبة التجميل والحروق بمشفى المواساة الجامعي، أن فكرة “بنك الجلد” ليست بجديدة بل هي موجودة منذ نحو عشرين عاماً في الكثير من الدول المتقدمة.
وبيّن العيسمي أن الجلد الأفضل لتغطية أي ضياع هو جلد المريض نفسه، لكن في حال عدم توفره يتم اللجوء لجلد بديل أو معيضات الجلد، وذلك عبر مراحل متتالية بدءاً من تحضير الجلد وقطفه إلى تجهيزه وإزالة الطبقات الغير مستخدمة وأخذ المسحات الكاملة للتأكد من سلامته، منوهاً إلى أن مرضى حروق الدرجة الثانية والثالثة يكونون بحالة خطيرة جداً وهذا الجلد البديل هو فرصة لإنقاذ حياتهم.
وفيما يخص الاستفادة من جلد المتوفين، أكد العيسمي أنه حتى الآن لا توجد قوانين تسمح بالاستفادة من جلد المتوفين، والحل البديل المتاح حالياً هو أخذ الجلد الزائد من مرضى عمليات أخرى كعمليات شد البطن، بدلاً من إتلافه. لافتاً إلى أن طموح المشفى إنشاء هيئة وطنية على مستوى البلاد تنظم موضوع نقل النسج كاملة بما فيها الجلد.
صباح يوم الأحد الماضي، أنقذ أطباء مشفى المواساة حياة خالد الحليسات، منحوه، كما سيمنحون لآخرين من بعده، جلداً وأملاً جديداً للحياة

شاهد أيضاً

هذا أفضل وقت للتخلص من الكرش بالرياضة للنساء والرجال

شام تايمز – متابعة التمرين الصباحي يقلل من الكرش لدى النساء توصلت دراسة أميركية حديثة إلى أن …

اترك تعليقاً