يتناقل مستخدمون مواقع التواصل منشورات تدّعي أن “بعض المأكولات تصبح سامّة بعد تسخينها بسبب تغيّرات في تركيبتها”. إلا أن هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحّة، فبحسب الخبراء، لا يؤثّر تسخين المأكولات على صحّة الجهاز الهضمي، في حين أن السُمّيّة قد تنتج من سوء التخزين وطريقة الطهو، لا من إعادة التسخين.
يذهب المنشور إلى التحذير من أمر اعتاد معظم الناس على القيام به وهو إعادة تسخين الطعام بعد وضعه في الثلاجة. ويدّعي أن هذه العادة هي “من الأسباب الرئيسيّة للتسمّم الغذائي”.
ويحدّد المنشور خمسة أطعمة، محذراً من خطورة تسخينها. فيذكر السبانخ على أنها “تحتوي على النترات الذي يتحوّل نتريت مسرطن بعد التسخين”.
ويذكر المنشور أيضاً البطاطا، قائلاً إنها تصبح سامّة من دون تحديد نوع السميّة. ويضيف البيض بالقول إنه يؤثر سلباً على الجهاز الهضميّ، والدجاج بالقول إن البروتين الذي يحتويه يتبدّل ويؤذي الجهاز الهضمي، ويختم بالفطر بالقول إن تسخينه يؤدي إلى اضطرابات هضميّة.
يتناقل مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي هذه الادعاءات منذ سنوات، لدرجة أن البعض باتوا يصدّقونها ويعملون بها. فما رأي الخبراء؟
من الناحية الكيميائية
“من منّا لم يتناول هذه المأكولات بعد تسخينها؟ هل أصابنا مكروه؟” بهذه العبارة ردّ البروفسور في علوم الكيمياء في الجامعة الأميركية في بيروت .
كثيرون تخيفهم مصطلحات الكيمياء عندما يسمعون بوجودها في المأكولات، مع العلم أنّ معظم النباتات والخضار، وليس السبانخ فحسب، تحتوي على النيترات مثلاً الذي تمتصّه من السماد المستخدم في الزراعات. كثيرة هي المواد الكيميائيّة التي قد تكون مسرطنة. لكن يجب التنبّه إلى أن هذه المواد بكميات ضئيلة لا تؤثر على صحة الإنسان لا من قريب ولا من بعيد، لا بل أن بعضها مفيد أيضاً”.
حيث أن تحولات تصيب المأكولات فتصبح سامّة”، قائلا إن التحولات ضروريّة في عمليّة الطهو لنحصل على النتيجة النهائية التي تسمح لنا بتناول الدجاج أو البيض مثلاّ بشكل صحيّ.
ولا أدلّة علميّة حتى اليوم على أن التسخين، حتى بواسطة فرن الميكروويف، يحوّل جزيئات الطعام، فتصبح سامّة ومضرّة. وأكّد البروفسور أنّ المأكولات “لا تصبح سامّة بمجرّد تسخينها”.
أما بالنسبة إلى تغيّر البروتينات في البيض أو الدجاج، فمن الطبيعيّ أن تتحوّل جزيئات البروتين في البيض أو الدجاج ليصبح صلباً وقابلاً للأكل، وإلا لبقي نيئاً. هذه عملية كيميائيّة طبيعيّة ولا تؤدّي إلى التسمّم.
ماذا يقول أخصائيو التغذية؟
أيّد أخصائيي التغذية أن هذه الأطعمة قد تخسر من قيمتها الغذائيّة، باختلاف أسلوب الطهو المستخدم، لكنّها لا تصبح سامّة. حيث تخسر الخضار كميّة كبيرة من الفيتامينات عند سلقها مثلاً في حين تحافظ عليها إذا جرى طهوها على البخار.
حيث تنصّ معايير السلامة الغذائية على ضرورة إعادة تسخين الأكل”. لكن تسخينه أكثر من مرّة قد يعرّضه لفروقات حراريّة من شأنها أن تشكّل أرضاً خصبة لتنامي البكتيريا.
فانّ حالات التسمّم الغذائي التي يمكن أن تَحدث تنتج عن سوء تخزين المأكولات وتركها لفترات طويلة خارج البراد أو سوء طهوها لا عن إعادة تسخينها كما تدّعي المنشورات.